بعدما التهمت آلات الصناعة العالمية معظم النفط الأحفوري المتاح في البر والبحر، نجدها اليوم تلتهم قسما كبيرا من المياه الصالحة للشرب، ولكن ليس لارواء ظمأ البشر بل لمزيد من التصنيع لاثراء شركاتهم واقتصاداتهم! فهاهو الماء - الذي ليس له بديل كالنفط - يلقي بظلال ثقيلة وربما مرعبة على خارطة الكرة الأرضية، ذلك أنّ استهلاكه يتضاعف 100% كل عشرين عاماً. فلقد أظهرت الاحصاءات العالمية أنّ الاستخدام الأكبر من المياه يبقى من نصيب القطاعات الزراعية في العالم، يأتي بعد ذلك الاستخدامات المدنية، ثم يأتي الاستخدام الصناعي. الاّ أنّه من المذهل أنّ نسبة زيادة الاستهلاك الصناعي العالمي للمياه تفوق بكثير نسب الاستخدام الزراعي والآدمي. وهذه النسبة الصناعية المتزايدة تنامت بشكل كبير جدا منذ عام 2000.
ولقد أدّت ثلاثة أسباب رئيسة لتفاقم أزمة المياه المتوقّعة عالميا. فلقد أفضت الثورة الصناعية العالمية بخيرها وشرّها الى الاستهلاك الشره للمياه. وبانتقال النشاط الصناعي - لخطورته البيئية - من الدول الغنية الى الدول النّامية التي لا قيمة عندها للتلوث، الى ارتفاع خطير في التلوّث المائي بالدول الصناعية النامية. كما أدّى دعم الولايات المتّحدة الأخير لصناعة الوقود العضوي أو الزراعي، الى ضخ ملايين الأمتار المكعّبة من الماء لانتاج الوقود بدلا من ارواء المخلوقات الحيّة. أمّا السبب الثالث الهام فهو سياسة دعم أسعار المياه التي تنتهجه معظم حكومات العالم. ذلك أنّ دعم الأسعار يفضي بالضرورة الى خفض أسعار الماء وبالتالي الى التبذير خصوصا من قبل الطبقات الغنية في استعمالات كمالية وترفيهية.
ولقد هدف المؤتمر الدولي الذي أنعقد في أغسطس 2008م القريب، لتسليط الأضواء على أزمات المياه المرتقبة وخصوصا تلك التي يكون التصنيع العالمي عنصرا هاما فيها. ففي كلمة ألقاها ممثّل أحد أكبر البنوك الاستثمارية العالمية، جي.بي.مورغان., أورد البنك انّ أكبر مستهلكي المياه على الاطلاق هي صناعة الأغذية والمشروبات العالمية. فلقد فصّل البنك بأنّ شركات مثل «نستلي» و«يونيليفير» و«دانون» و«كوكاكولا» وشركات المشروبات الكحولية (والعياذ بالله)، تستهلك خمسمائة وخمسة وسبعين مليار لتر من الماء سنويا. والعجيب أنّ هذا القدر العظيم من المياه يكفى لاستخدمات كافّة البشر على الكرة الأرضية ليوم كامل.
فلقد صّرح مدير العمليات بشركة «نستلة» العملاقة أنّ الشركة تستهلك ثلاثة آلاف لتر من الماء لارواء المنتجات الزراعية التي تضعها في علبة بسعة لتر واحد من منتجاتها. كما أنّ 49 مصنعا من مصانع هذه الشركة بدأت بالفعل تعاني من شح كبير في الموارد المائية لتلك المصانع. وفي صناعة الالكترونيات، نجد على سبيل المثال أنّ انتاج «رقيقة» كهربائية (semiconductor wafer) تستهلك ما لا يقل عن ثلاثة عشر متراً مكعباً من الماء النظيف. ومن المعلوم أن صناعة «الشرائح» الالكترونية تستهلك 25% من كامل استهلاك وادي «السيليكون» الأمريكي.
أمّا المستهلك الصناعي الأكبر للمياه فيبقى قطاع الطّاقة. ذلك أنّ 40% من المياه التي تؤخذ من البحيرات والأنهار الأمريكية يتم استخدامها لتبريد معامل الطاقة الأمريكية. ولقد أفضى هذا الاعتماد الكبير على المياه أن قامت شركة كهرباء “أتلانتا” الأمريكية بايقاف مولدات الكهرباء في الصيف الماضي بسبب جفاف الأمطار. وفي تصريح أخير لمركز التنبؤات بالمخاطر (Marsh Centre for Risk Insights) أنّ استهلاك 40% من الشركات العظمى العالمية للمياه سيكون له آثار خطيرة جدا بل وكارثية على مستقبل تلك الشركات. وفي ظل هذه الظروف المائية الخطيرة، نتمنّى أن تقوم وزارة الصناعة السعودية بدراسة احتياجات الصناعة السعوديه للمياه، كي لا يجد المواطن نفسه في تنافس مع المصانع على قطرات ماء عزيزة.
Smrshaikh33@gmail.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 117 مسافة ثم الرسالة
ولقد أدّت ثلاثة أسباب رئيسة لتفاقم أزمة المياه المتوقّعة عالميا. فلقد أفضت الثورة الصناعية العالمية بخيرها وشرّها الى الاستهلاك الشره للمياه. وبانتقال النشاط الصناعي - لخطورته البيئية - من الدول الغنية الى الدول النّامية التي لا قيمة عندها للتلوث، الى ارتفاع خطير في التلوّث المائي بالدول الصناعية النامية. كما أدّى دعم الولايات المتّحدة الأخير لصناعة الوقود العضوي أو الزراعي، الى ضخ ملايين الأمتار المكعّبة من الماء لانتاج الوقود بدلا من ارواء المخلوقات الحيّة. أمّا السبب الثالث الهام فهو سياسة دعم أسعار المياه التي تنتهجه معظم حكومات العالم. ذلك أنّ دعم الأسعار يفضي بالضرورة الى خفض أسعار الماء وبالتالي الى التبذير خصوصا من قبل الطبقات الغنية في استعمالات كمالية وترفيهية.
ولقد هدف المؤتمر الدولي الذي أنعقد في أغسطس 2008م القريب، لتسليط الأضواء على أزمات المياه المرتقبة وخصوصا تلك التي يكون التصنيع العالمي عنصرا هاما فيها. ففي كلمة ألقاها ممثّل أحد أكبر البنوك الاستثمارية العالمية، جي.بي.مورغان., أورد البنك انّ أكبر مستهلكي المياه على الاطلاق هي صناعة الأغذية والمشروبات العالمية. فلقد فصّل البنك بأنّ شركات مثل «نستلي» و«يونيليفير» و«دانون» و«كوكاكولا» وشركات المشروبات الكحولية (والعياذ بالله)، تستهلك خمسمائة وخمسة وسبعين مليار لتر من الماء سنويا. والعجيب أنّ هذا القدر العظيم من المياه يكفى لاستخدمات كافّة البشر على الكرة الأرضية ليوم كامل.
فلقد صّرح مدير العمليات بشركة «نستلة» العملاقة أنّ الشركة تستهلك ثلاثة آلاف لتر من الماء لارواء المنتجات الزراعية التي تضعها في علبة بسعة لتر واحد من منتجاتها. كما أنّ 49 مصنعا من مصانع هذه الشركة بدأت بالفعل تعاني من شح كبير في الموارد المائية لتلك المصانع. وفي صناعة الالكترونيات، نجد على سبيل المثال أنّ انتاج «رقيقة» كهربائية (semiconductor wafer) تستهلك ما لا يقل عن ثلاثة عشر متراً مكعباً من الماء النظيف. ومن المعلوم أن صناعة «الشرائح» الالكترونية تستهلك 25% من كامل استهلاك وادي «السيليكون» الأمريكي.
أمّا المستهلك الصناعي الأكبر للمياه فيبقى قطاع الطّاقة. ذلك أنّ 40% من المياه التي تؤخذ من البحيرات والأنهار الأمريكية يتم استخدامها لتبريد معامل الطاقة الأمريكية. ولقد أفضى هذا الاعتماد الكبير على المياه أن قامت شركة كهرباء “أتلانتا” الأمريكية بايقاف مولدات الكهرباء في الصيف الماضي بسبب جفاف الأمطار. وفي تصريح أخير لمركز التنبؤات بالمخاطر (Marsh Centre for Risk Insights) أنّ استهلاك 40% من الشركات العظمى العالمية للمياه سيكون له آثار خطيرة جدا بل وكارثية على مستقبل تلك الشركات. وفي ظل هذه الظروف المائية الخطيرة، نتمنّى أن تقوم وزارة الصناعة السعودية بدراسة احتياجات الصناعة السعوديه للمياه، كي لا يجد المواطن نفسه في تنافس مع المصانع على قطرات ماء عزيزة.
Smrshaikh33@gmail.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 117 مسافة ثم الرسالة